فصل: فصل: في متشابهات السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم




.سورة الواقعة:

.فصول مهمة تتعلق بالسورة الكريمة:

.فصل في فضل السورة الكريمة:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
فضل السّورة:
فيه حديث ابن مسعود: «من قرأ سورة الواقعة في كلّ ليلة لم تصبه فاقةٌ أَبدًا»، وحديث علي الضَّعيف: «يا علي مَنْ قرأها أَعطاه الله من الثواب مثل ثواب أَيّوب، وله بكل آية قرأها مثل ثواب امرأَة أَيّوب». اهـ.

.فصل في مقصود السورة الكريمة:

.قال البقاعي:

سورة الواقعة مقصودها شرح أحوال الأقسام الثلاثة المذكورة في الرحمن للأولياء من السابقين واللاحقين والأعداء المشاققين من المصارحين والمنافقين من الثقلين للدلالة على تمام القدرة بالفعل بالاختيار الذي دل عليه آخر الرحمن بإثبات الكمال ودل عليه آخر هذه بالتنزيه بالنفي لكل شيء به نقص ثم الإثبات بوصف العظمة بجميع الكمال من الجمال والجلال، ولو استوى الناس لم يكن ذلك من بليغ الحكمة، فإن استواءهم يكون شبهة لأهل الطبيعة، واسمها الواقعة دال على ذلك بتأمل آياته وما يتعلق الظرف به.
اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

.بصيرة في: {إذا وقعت الواقعة}:

السّورة مَكِّيّة بالاتِّفاق.
آياتها تسع وتسعون في عدّ الحجاز والشام، وسبع في البصرة، وستّ في الكوفة.
وكلماتها ثلاثمائة وثمان وسبعون.
وحروفها أَلف وسبعمائة وثلاث.
المختلف فيها أَربع عشرة: {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} {وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ} {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ} إنشاءً {فِي سَمُوْمٍ وَحَمِيمٍ} {وَكَانُواْ يِقولونَ} {وَأَبَارِيقَ} {مَّوْضُونَةٍ} {وَحُورٌ عِينٌ} تأْثيما {وَالآخِرِينَ} {لَمَجْمُوْعُونَ} {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ}.
مجموع فواصل آياتها (لابدّ منه) على الباءِ منها آية واحدة: {وَمَاءٍ مَّسْكُوبٍ}.
سمّيت بسورة الواقعة؛ لمفتتحها.

.معظم مقصود السورة:

ظهور واقعة القيامة، وأَصناف الخلق بالإِضافة إِلى العذاب والعقوبة، وبيان حال السّابقين بالطاعة، وبيان حال قوم يكونون متوسّطين بين أَهل الطاعة وأَهل المعصية، وذكر حال أَصحاب الشِمال، والغَرْقَى في بحار الهلاك، وبرهان البعث من ابتداءِ الخِلْقة، ودليل الحشر والنشر من الحَرْث والزّرع، وحديث الماءِ والنَّار، وما في ضمنهما: من النّعمة والمِنَّة، ومَسّ المصحف، وقراءته في حال الطَّهارة، وحال المتوفَّى في ساعة السّكرة، وذكر قوم بالبشارة، وقوم بالخسارة، والخُطْبة على جلال الحقّ تعالى بالكبرياءِ والعظمة بقوله: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}.
والسّورة محكمة لا ناسخ فيها ولا منسوخ.
وعن مقاتل أَنَّ {ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ} في أَوّل السّورة منسوخٌ بثلَّة من الآخرين الذي بعده.

.فصل: في متشابهات السورة الكريمة:

.قال ابن جماعة:

سورة الواقعة:
425- مسألة:
قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ} وختمه بقوله تعالى: {فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ} ثم قال: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ}.
ثم قال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68)} وختم ذلك بقوله تعالى: {فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ}: ثم قال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71)} ما وجه هذا الترتيب في هذه الآيات؟
جوابه:
وجهه: أن الله تعالى أنعم على الإنسان أولا، بإيجاده، ثم أنعم عليه بما يحتاج إليه من طعامه، ثم ما يحتاج إليه من شرابه، ثم ما يحتاج إليه في إصلاح ذلك وهو النار.
فختم الأول بـ {فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ} أو لأن من تذكر كيف خلق، ونظر في حكمة خلقه وترتيبه دلَّه ذلك على قدرة الله تعالى على بعثه بعد موته كما نبه عليه تعالى بقوله تعالى: {عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61)}.
وختم الثالثة بقوله تعالى: {فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ} لأن نعمه تستوجب شكره.
426- مسألة:
قوله تعالى: {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا}. وقال تعالى في الماء: {جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا}.
جوابه:
أن جعل الزرع حطاما إذهاب له بالكلية صورة ومنفعة. وجعل الماء أجاجا لم يذهب به صورة، وربما انتفع في غير الشرب. والله أعلم. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

المتشابهات:
قوله: {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} أَعاد ذكرها.
وكذلك {وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَآ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} ثمّ قال: {السَّابِقُونَ} لأَنَّ التقدير عند بعضهم: والسابقون ما السّابقون، فحذف (ما) لدلالة ما قبله عليه وقيل: تقديره: أَزواجًا ثلاثة فأَصحاب الميمنة وأَصحاب المشأَمة والسّابقون ثم ذكر عقيب كلّ واحد منهم تعظيمًا أَو تهويلًا فقال: ما أَصحاب الميمنة ما أَصحاب المشأَمة، والسّابقون أي هم السّابقون. والكلام فيه يطول.
قوله: {أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ} {أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تَحْرُثُوْنَ} {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ} {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ} بدأَ بذك خَلْق الإِنسان، ثمّ بما لا غنى له عنه، وهو الحَبّ الذي منه قُوتُه (وقوّته) ثمَّ الماء الذي منه سَوْغه وعَجْنه، ثمّ النَّار التي منها نُضْجه وصلاحه.
وذكر عقيب كلّ واحد ما يأْتي عليه ويفسده، فقال في الأُلوي: {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ} وفى الثَّانية {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} وفى الثالثة {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} ولم يقل في الرّابعة ما يفسدها، بل قال: نحن جعلناها تذكرة: يتَّعظون بها ومتاعا للمُقْوِين: أي للمسافرين ينتفعون بها.

.فصل في التعريف بالسورة الكريمة:

.قال ابن عاشور:

سورة الواقعة:
سميت هذه السورة الواقعة بتسمية النبي صلى الله عليه وسلم.
روى الترمذي عن ابن عباس قال: قال أبو بكر: «يا رسول الله قد شبتَ، قال: شيبْتني هودٌ، والواقعة، والمرسلات، وعمَّ يتساءلون، وإذا الشمس كورت» وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
وروى ابن وهب والبيهقي عن عبد الله بن مسعود بسند ضعيف أنه سمع رسول الله يقول: «من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تُصبه فاقة أبدًا»، وكذلك سمّيت في عصر الصحابة. روى أحمد عن جابر بن سَمرة قال: «كان رسول الله يقرأ في الفجر الواقعة ونحوها من السور».
وهكذا سميت في المصاحف وكتب السنة فلا يعرف لها اسم غير هذا.
وهي مكية قال ابن عطية: بإجماع من يعتدَ به من المفسرين. وقيل فيها آيات مدنية، أي نزلت في السفر، وهذا كله غير ثابت. اهـ. وقال القرطبي: عن قتادة وابن عباس استثناء قوله تعالى: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} (الواقعة: 82) نزلت بالمدينة.
وقال الكلبي: إلا أربع آيات: اثنتان نزلتا في سفر النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة وهما {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} (الواقعة: 81، 82)، واثنتان نزلتا في سفره إلى المدينة وهما {ثُلة من الأولين وثلة من الآخرين} (الواقعة: 39، 40) وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود أنها نزلت في غزوة تبوك.
وهي السورة السادسة والأربعون في ترتيب نزول السور عند جابر بن زيد، نزلت بعد سورة طه وقبل سورة الشعراء.
وقد عدّ أهل المدينة ومكة والشام آيها تسعًا وتسعين وعدها أهل البصرة سبعًا وتسعين وأهل الكوفة ستًا وتسعين.
وهذه السورة جامعة للتذكير قال مسروق: من أراد أن يعلم نبأ الأولين والآخرين ونبأ أهل الجنة ونبأ أهل النار ونبأ أهل الدنيا ونبأ أهل الآخرة فليقرأ سورة الواقعة. اهـ.

.قال سيد قطب:

تعريف بسورة الواقعة:
الواقعة اسم للسورة وبيان لموضوعها معا. فالقضية الأولى التي تعالجها هذه السورة المكية هي قضية النشأة الآخرة، ردا على قولة الشاكين فيها، المشركين بالله، المكذبين بالقرآن: {أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون} ومن ثم تبدأ السورة بوصف القيامة. وصفها بصفتها التي تنهي كل قول، وتقطع كل شك، وتشعر بالجزم في هذا الأمر.. الواقعة.. {إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة}.. وتذكر من أحداث هذا اليوم ما يميزه عن كل يوم، حيث تتبدل أقدار الناس، وأوضاع الأرض، في ظل الهول الذي يبدل الأرض غير الأرض، كما يبدل القيم غير القيم سواء: {خافضة رافعة إذا رجت الأرض رجا وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا وكنتم أزواجا ثلاثة}... إلخ.
ثم تفصل السورة مصائر هذه الأزواج الثلاثة: السابقين وأصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة. وتصف ما يلقون من نعيم وعذاب وصفا مفصلا أوفى تفصيل، يوقع في الحس أن هذا أمر كائن واقع، لا مجال للشك فيه، وهذه أدق تفصيلاته معروضة للعيان. حتى يرى المكذبون رأي العين مصيرهم ومصير المؤمنين. وحتى يقال عنهم هنالك بعد وصف العذاب الأليم الذي هم فيه: {إنهم كانوا قبل ذلك مترفين وكانوا يصرون على الحنث العظيم وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون} وكأن العذاب هو الحاضر والدنيا هي الماضي الذي يذكر للترذيل والتقبيح. ترذيل حالهم في الدنيا وتقبيح ما كانوا عليه من تكذيب!
وبهذا ينتهي الشوط الأول من السورة. ويبدأ شوط جديد يعالج قضية العقيدة كلها، متوخيا توكيد قضية البعث التي هي موضوع السورة الأول؛ بلمسات مؤثرة، يأخذ مادتها وموضوعها مما يقع تحت حس البشر، في حدود المشاهدات التي لا تخلو منها تجربة إنسان، أيا كانت بيئته، ودرجة معرفته وتجربته.
يعرض نشأتهم الأولى من مني يمنى. ويعرض موتهم ونشأة آخرين مثلهم من بعدهم في مجال التدليل على النشأة الأخرى، التي لا تخرج في طبيعتها ويسرها عن النشأة الأولى، التي يعرفونها جميعا.
ويعرض صورة الحرث والزرع، وهو إنشاء للحياة في صورة من صورها. إنشاؤها بيد الله وقدرته. ولو شاء الله لم تنشأ، ولو شاء لم تؤت ثمارها.
ويعرض صورة الماء العذب الذي تنشأ به الحياة كلها. وهو معلق بقدرة الله ينزله من السحائب. ولو شاء جعله ملحا أجاجا، لا ينبت حياة، ولا يصلح لحياة.
وصورة النار التي يوقدون، وأصلها الذي تنشأ منه.. الشجر.. وعند ذكر النار يلمس وجدانهم منذرا. ويذكرهم بنار الآخرة التي يشكون فيها.
وكلها صور من مألوفات حياتهم الواقعة، يلمس بها قلوبهم، ولا يكلفهم فيها إلا اليقظة ليد الله وهي تنشئها وتعمل فيها.
كذلك يتناول هذا الشوط قضية القرآن الذي يحدثهم عن (الواقعة) فيشكون في وعيده. فيلوح بالقسم بمواقع النجوم، ويعظم من أمر هذا القسم لتوكيد أن هذا الكتاب هو قرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون، وأنه تنزيل من رب العالمين.
ثم يواجههم في النهاية بمشهد الاحتضار. في لمسة عميقة مؤثرة. حين تبلغ الروح الحلقوم، ويقف صاحبها على حافة العالم الآخر؛ ويقف الجميع مكتوفي الأيدي عاجزين، لا يملكون له شيئا، ولا يدرون ما يجري حوله، ولا ما يجري في كيانه. ويخلص أمره كله لله، قبل أن يفارق هذه الحياة. ويرى هو طريقه المقبل، حين لا يملك أن يقول شيئا عما يرى ولا أن يشير!
ثم تختم السورة بتوكيد الخبر الصادق، وتسبيح الله الخالق: {إن هذا لهو حق اليقين فسبح باسم ربك العظيم}.. فيلتئم المطلع والختام أكمل التئام.. اهـ.